15‏/10‏/2012

بإختصار .. إنت فاشل !


"النجاح هو أن تحصل على ما تريده" -دايل كارنيجي

طالعت فيه بحزن .. كنا نتكلم عن العمل و مميزات الوظيفة و عرفت في سياق الحديث إن راتبه أقل من ثلث راتبي .. و عمره ضعف عمري .. و عنده 4 أولاد .. و زوجة .. و شغالة .. و سواق ، و ما تجي نهاية الشهر إلا و هو و زوجته صارفين كل راتبهم و ما يجمعوا منه و لا ريال ، من محبتي له بدأت أنصحة و أحفزه يتعلم شي جديد و يطور نفسه في العمل و يشتغل على قدراته العملية علشان يحسّن دخله و يكون سعيد أكثر في حياته و هو يرد "يا رجال مشي حالك" ، و ترك مكتبي هرباً من فلسفتي إلّي يمكن تعتبر محبطة بالنسبة له لكنها بوجهة نظري واقعية و لازم يواجهها .
بعد كم يوم جاني المكتب و كان يحكي لي عن مغامراته هو و أولاده في إجازة اليوم الوطني .. السعادة كانت واضحة في عيونه لدرجة أجبرتني أعيد التفكير في منظوري للسعادة .

كانت عندي عادة أنا و أعز أصدقائي أيام المتوسطة .. أنا أخرج من البيت على أساس إني رايح عنده و هو يخرج من بيته على أساس إنه جاي عندي .. نتقابل عند مواقف النقل الجماعي و نأخذ باص بـ10 ريال لمكة نجلس هناك و نتمشى عند الحرم و نأكل شاورما و نأخذ باص مرة ثانية لجدة ، مرة من المرات و إحنا في الباص لمكة كان جالس قدامنا عامل نظافة .. من خلال كلامنا معاه عرفنا إنه ترك أهله و جا من بنقلاديش للسعودية و وافق يشتغل 12 ساعة يومياً ينظف و يكنس الشوارع مو علشان الراتب الضعيف لكن علشان يقدر يروح مكة مرة في الأسبوع يأخذ عمره .. كان شايف إنه أكثر شي يقدر يفيد فيه أهله هو إنه يدعيلهم أسبوعياً عند الكعبة .. برغم إننا كنا أطفال لكن أثار إستغرابنا حجم السعادة الواضحة في إبتسامته .


الفرق بين "السعادة" و "الرضا"

قبل أيام قرأت تغريدة مختصرة جداً لكنها أثارت عندي تساؤلات كثيرة .. كانت هاذي التغريدة ..
(هل أنت سعيد ؟)
بدأت أفكر في الموضوع من جوانب مختلفة و توقف تفكيري يوم بدأت أخلط بين "السعادة" و "الرضا" فتوجهت مباشرة لحبيب الشعب (جوجل) بحثاً عن الفرق بين الإثنين ، و بعد البحث و التحري وجدت الأغلبية تُجمع على هاذي التعريفات ...

السعادة : حالة ذهنية .. يعني ممكن يكون الشخص في حالة سيئة مادياً و صحياً و أسرياً و مع ذلك إذا أقنع نفسه ممكن يشعر بالسعادة .
الرضا : غياب الرغبة .

فالمعنايين ما في بينهم أي ترابط .. ممكن يكون الشخص سعيد و غير راضي .. ممكن يكون راضي و غير سعيد .. و ممكن يكون سعيد و راضي .. و ممكن يكون لا سعيد و لا راضي .
و بوجهة نظري و بناء على تعريف الرضا المذكور أعلاه .. الرضا بمفهوم آخر هو (إنعدام الطموح) ، فبما أنه لا توجد (رغبة) فلا يوجد (طموح) .


ما هو النجاح ؟

للنجاح مفهوم سائد قائم على عدة جوانب .. الإلتزام بالعبادات .. الصحة .. النجاح في العمل .. تكوين أسرة .
لكن بالرغم من إن هذا هو المفهوم "السائد" برضه فيه فئة كبيرة زاهدة جداً في بعض الجوانب و شايفة سعادتها في النجاح في جانب واحد فقط .. و من الإجحاف إننا نحكم على شخص بالنجاح أو الفشل بناء على نظرتنا الشخصية أو المفهوم إلّي زرعه فينا المجتمع .
بناء على الإقتباس الموجود في بداية الملاحظة النجاح هو أن يكون الشخص (سعيد) و (راضي) في نفس الوقت ، يعني إذا الشخص مكتفي أسرياً و مادياً و عملياً و لا يبحث عن إنجازات جديدة و سعيد بوضعه الحالي .. إذاً فهو ناجح .

و بالرغم من كل هذا لا أزال أنا و من هم على شاكلتي نصدر أحكامنا و نتفلسف و نقييم حياة الناس و نقرر عنهم مين ناجح و مين فاشل حسب منظورنا الشخصي و حسب ما أملى علينا مجتمعنا .. بالرغم من إن الشخص إلّي جالسين نحكم عليه ممكن يكون ناجح جداً بنظرته الشخصية .. و بالتأكيد هذا هو المهم .

أحد زملائنا في العمل عمره 45 سنة و مقدم طلب تقاعد مبكر ، سألته ...

أنا : إيش مخططاتك لما بعد التقاعد ؟
هو : أعيش في مزرعتي إلّي في عسفان أربي في هالغنم و أترك راتب التقاعد للعيال و أمهم يدبرون أنفسهم فيه
أنا : بس ؟! ما تفكر تفتحلك مشروع و لا على الأقل تتاجر بغنمك ؟
هو : لا لا لا .. محد يتاجر بحلاله !!
أنا : طيب .. و بعدين ؟
هو : أموت في هالمزرعة

النجاح أن تحقق أهدافك مهما كانت كبيرة .. أو صغيرة .


الزبدة :

  • إذا أحد حكى لك عن حياته .. لا تبدأ تعطيه (حلول) قبل ما يقولك إنه فيه (مشكلة) .
  • أسوء شي ممكن تسويه إنك تطلق أحكامك على حياة الناس بناء على منظورك الشخصي و نظرتك المحدودة للأمور .
  • إذا حبيت تقيم نفسك لا تقيمها بناء على الفكر السائد أو نظرة المجتمع .. قيمها بناء على أهدافك الشخصية و طموحاتك .

إدعموا ملاحظات بالمتابعة في تويتر و تسجيل الإعجاب في الفيس بوك .. تلقى الإختيارات في اليمين في أعلى الصفحة .

... و سلامي .

12 التعليقات:

غير معرف يقول...

تدوينة خفيفة لطيفة ظريفة :)
حقيقي كثير استفدت

والى تدوينتك الجديدة !

غير معرف يقول...

تقريبا جيد لحد ما معني ما فهمت حاجه صحيحه مره

هناء الحكيم يقول...

عجبتني الجملة الأخيرة : لا تقدم لأحد حلولا قبل أن يخبرك أن هناك مشكلة . مشكلتنا أننا نجعل من أنفسنا وحدات قياس لكل البشر في الأذواق والقدرات والخطأ والصواب .
استمتعت في هذه المقالة ..

عبدالله عبدالعزيز يقول...

بالفعل هاذي كانت مشكلتي لفترة طويلة لكن إن شاء الله أقدر أتغلب على نزعة إصدار الأحكام على الآخرين .
إطلاعك و تعليقك شرف كبير أستاذة هناء .. و إن شاء الله دايماً عند حسن ظنك .

تقبلي شكري و تقديري
عبدالله

عفاف يقول...

مرحبا عبدالله, تدوينة ممتازة والله.
خليني ابدأ من تحت وفي الزبدة .. معاك حق والله يعني كثير كثير ننظر لحياة الناس ببعض الجوانب على انها نقص ويمكن من داخل نرحمهم او نتحمس ونبدأ نعطيهم حلول وهي اصلاً مو مشكلة بالنسبة لهم ومجرد إننا نقيس حياتهم بمعاييرنا احنا وهذا قصر مدى كبير مننا كأشخاص.

جاتني فترة كنت اعتبر اي وحدة متزوجة ومخلفة وهي صغيرة مسكينة وتنرحم وفاتتها اشياء كثير وتجارب, ومرات كان هالشعور يجيني من حكيهم بخصوص الجوانب المتعبة مثلا بحياتهم .. بس بعدين صرت انتبه انه برضو في جوانب حلوة وهم يحكونها بس انا لأني ما اركز الا على الاشياء الي اشوف اني ما احب انها تصير لي حالياً وهي صايرة لهم "مثلا مسؤولية الاطفال" وهذا المعيار الي هو يخصني انا صرت اطبقه عليهم واكتشفت اني جد كنت غلط ومالي حق افكر فيهم كذا ابداً.

وهالغلطة نفسها هي الي تخلينا نقول فلان عنده كذا وكذا ويقول مو مبسوط .. لأن مانكون مستوعبين انه هالاشياء هي بعيوننا احنا معايير للسعادة مو بعيونه هو يمكن! وبرضو هالأمر يقبل إحتمال انه يكون هو ماشعر بالرضا حتى الأن لأن الاشياء الي تحقق مفهوم السعادة بعينه باقي ماحصل عليها.

تدوينتك جميلة فعلاً واعتذر كلامي كثير وغير مرتب لكن كتبت اغلب الي جا ببالي وانا اقرأها.
شكراً لك مسيو.

Fatma Faqih يقول...

""٦ مرات اكتب تعليقي و يمسحة الايباد
٦ مرااااات :@""
تعريفنا الشخصي للفشل والنجاح هو ما يجعلنا نطلق الاحكام على الاشخاص و الموقف ب نجاحها او فشلها
ولاحظ انه " تعريف شخصي " يعني حكمي لا يتعدى كونه راي شخصي بحت يحمل الصواب و الخطأ 
اضافة الى كونه راي شخصي هو غير مطلوب اساسا ويعتبرفي المقام الاول " لقافة" و" رزالة"

اما السعادة فهي اكثر الاشياء المعنوية الي تساعد الانسان في جذبه للافضل و جعل الحياه اجمل مثل الحب تماماً ..
و اعظمها ما اقترن الرضا
الرضا مرادف للقناعة وليس السلبية و الاستسلام
ان تكون راضي بما اعطاك الله و تسعى للافضل تشاهد نجاح غيرك وتتمناه لنفسك و لا تحسد و تحقد على صاحبك

اخيرا:
ان توقفنا عن اصدار الاحكام على الناس و تحديد توجه سلوكهم بانه سينجح او يفشل
وركزنا تلك الطاقة المهدورة في انفسنا
للاستمتاع بما لدينا و استشعار معنى السعادة
لـ كنا في حال افضل بالتاكيد ...


قلمك جميل دائما 
يومكم سعيد :)

فاطمة فقيه

الموسوعة المعرفية يقول...

مشكور لي المجهود 
http://www.theknowledgepedia.com

Mola7dat يقول...

 أي غير مرتب الله يسامحك ؟! بالعكس .. تمنيت إن النقاط إلي ذكرتيها جات على بالي و أنا أكتب الملاحظة .
أضفتي كثير للموضوع و بدون مجاملة إستفدت من وجهة نظرك .

شاكر لك جداً .. و تشرفت بتعليقك :)

عبدالله

Mola7dat يقول...

شكلك مسويه جيل بريك للآيباد و يبغى ينتقم منك :))

أجمل ما في تعليقك يا فاطمه إنه مبني على خلفيتك في علم النفس و هذا هو محور الملاحظة .

كالعادة دائماً يسعدني تواجدك و إضافاتك .

يومك أسعد

عبدالله

Ethar Al Tamimi يقول...

حبيت أعلق بخصوص السعادة ,,من وجهة نظري 
الإنسان دائماً سعيد ,
السعاده هي فطره موجوده لديه وليست صفه يكتسبها , أدري أنك بتخالفني في كلامي هذا , لكن مخالفة الناس لمفهوم "أنهم فعلاً سعداء " وإقتناعهم بتعاستهم وردائة حظهم هو حاجز بنوه عشان يوقفون السعاده الموجوده فيهم 
, بإختصار مفهوم التعاسه مكتسب بينما السعاده ولدت معك :) 
تحيااتي للجميع 

غير معرف يقول...

تحياتي للجميع

روزان يقول...

تدوينه ناجحه!

إرسال تعليق